الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله وقد يقال إن كان الاستثناء إلخ) قال في النهر التحقيق أن الاستثناء راجع إلى عذاب الدنيا والآخرة حتى لو مات قبل القدرة عليه بعدما أخاف الطريق ولم يقتل ولم يأخذ شيئا سقط عنه حد الدنيا والعقاب في الآخرة أما لو أخاف الطريق وتاب بعدما أخذ لا يسقط عنه حد الدنيا كما سيأتي وبهذا ظهر فائدة التقييد بما قبل القدرة، وقول الشارح أن الاستثناء ينصرف إلى ما قبله من الجمل لاتحاد جنسها فيرتفع الكل بالتوبة ورجع إلى ما يليه في آية القذف لمغايرتها لما قبلها فكانت فاصلة ا هـ. ويريد بارتفاع الكل المجموع لما قد علمته من أنه لو قتل أو أخذ المال وتاب لا يسقط عنه واحد منهما سواء تاب قبل الأخذ أو بعده ا هـ. قلت: وفي حمله الكل على المجموع نظر ظاهر لأن الكلام في سقوط الحد ولا شبهة في سقوطه فيما لو قتل أو أخذ المال ثم تاب قبل القدرة عليه وإنما لا يسقط القتل والضمان لكونه حق عبد حتى لو عفا عنه صح كما يأتي (قوله والقطع إن أخذوا المال) صوابه والضمان بدل قوله والقطع وعبارته في باب قطاع الطريق الثانية لو قتل فتاب قبل الأخذ لا حد لأن هذه الجناية لا تقام بعد التوبة للاستثناء المذكور في النص أو لأن التوبة تتوقف على رد المال ولا قطع في مثله فظهر حق العبد في النفس والمال حتى يستوفي الولي القصاص أو يعفو ويجب الضمان إذا هلك في يده أو استهلكه كذا في الهداية ا هـ. (قوله والجواب أن تسميتها زانية مجاز والكلام في الحقيقة) اعلم أنه لما كانت المرأة تحد حد الزنا وقد سماها الله تعالى زانية في قوله تعالى: {الزانية والزاني} علم أنها تسمى زانية حقيقة ولا يلزم من كونها لا تسمى واطئة أنها زانية مجازا فلذا زاد في التعريف تمكينها حتى يدخل فعلها في المعرف وهو الزنا الموجب للحد فلو لم يكن تمكينها زنا حقيقة لما احتيج إلى إدخاله في التعريف وهو أيضا إمارة كونها زانية حقيقة وإن لم تكن واطئة كما أن الرجل يسمى زانيا حقيقة بالتمكين وإن لم يوجد منه الوطء حقيقة وبه سقط ما في البحر من أن تسميتها زانية مجاز فافهم ا هـ. يقول الفقير أحمد جامع هذه الحواشي هذه المقولة لم أرها بخط شيخنا على هامش البحر هنا وإنما أفادها في حاشيته على الدر المختار فليحفظ فرحمه الله تعالى على ممر الأزمان على تحقيقه الفريد في كل مكان (قوله ولم يقصد المصنف تعريف الزنا الموجب للحد إلخ) قال في النهر: أنت خبير بأن نقض الطرد إنما يتم بتقدير كون التعريف للزنا الموجب للحد ولا نسلمه بل هو للزنا الشرعي ولا يرد زنا المرأة بالعكس لأنه ليس زنا حقيقة ولا يخفى أن تمكينه يرد على العكس ولو أريد به الشرعي إلا أن يراد بالوطء كون الحشفة في قبل مشتهاة والحق أن هذا التعريف للزنا الموجب للحد وتلك الشروط المزيدة خارجة عن الماهية وقد مر نظيره ثم رأيت الرازي قال بعد ذكر تعريف المصنف، وأما كون الزاني مكلفا طائعا وكون الزانية مشتهاة فشرط لإجراء الحكم عليهما وقول الشارح لو عرفه بما قال لكان أتم أي أوفى بالشروط نعم بقي أنه لا بد من كونه في دار الإسلام حتى لو زنى في دار الحرب لا حد عليه كما سيأتي وهذا الشرط أومأ إليه المصنف بقوله ومكانه (قوله: وتعقبه في فتح القدير إلخ) ذكره في الفتح في الباب الآتي عند قوله: وإن وطئ جارية أخيه أو عمه وقال ظننت أنها تحل لي حد قال أي إن علم أن الزنا حرام لكنه ظن أن وطأه هذه ليس زنا محرما فلا يعارض ما في المحيط من قوله شرط وجوب الحد أن يعلم أن الزنا حرام وإنما ينفيه مسألة الحربي إذا دخل دار الإسلام إلى آخر ما ذكره المؤلف وقد أقر هذا التعقب في الرمز والنهر والمنح والشرنبلالية ونازع فيه بعضهم بما مر عن عمر كيف والباب تدرأ فيه الشبهات ولعل مسألة الحربي على قول من لم يشترط العلم تأمل قلت: وقد ذكر المحقق في تحريره الأصولي الفرع المذكور، وقال فما في المحيط وغيره مشكل وقال شارحه العلامة ابن أمير حاج بعد نقله عبارة المحيط ما نصه غير أن ظاهر قول المبسوط عقب هذا الأثر فقد جعل ظن الحل في ذلك الوقت شبهة لعدم اشتهار الأحكام ا هـ. يشير إلى أن هذا الظن في هذا الزمان لا يكون شبهة معتبرة لاشتهار الأحكام فيه ولكن هذا إنما يكون مفيدا للعلم بالنسبة إلى الناشئ في دار الإسلام والمسلم المهاجر المقيم بها مدة يطلع فيها على ذلك، فأما المسلم المهاجر إليها الواقع منه ذلك في فور دخوله فلا وقد قال المصنف في شرح الهداية ونقل في اشتراط العلم بحرمة الزنا إجماع الفقهاء ا هـ. وهو مفيد أن جهله يكون عذرا وإذا لم يكن عذرا بعد الإسلام ولا قبله فمتى يتحقق كونه عذرا، وأما نفي كونه عذرا في حالة الكفر لتقصيره في الطلب لمعرفة هذا الحكم في تلك الحالة كما تقدم فمحل نظر وحينئذ فالفرع المذكور هو المشكل فليتأمل ا هـ. (قوله: لأنه لا معنى لكونه واجبا في نفس الأمر) تمام عبارة الفتح هكذا إلا وجوبه على الإمام لأنه لا يجب على الزاني أن يحد نفسه ولا أن يقر بالزنا بل الواجب عليه في نفس الأمر بينه وبين الله تعالى التوبة والإنابة إلخ (قوله: وشبهة الاشتباه) هذا مقيد بأن يدعي الحل كما سيأتي متنا في الباب التالي. (قوله: وظاهر كلام المصنف أنه لا يقوم لفظ مقام لفظ الزنا) هذا في غير الوطء والجماع أما فيهما فكلام المصنف صريح في عدم قيامهما مقام الزنا كما لا يخفى (قوله: حتى لا يندفع الحد بالفرار ولا بالتقادم) هكذا في الفتح وفيه مخالفة لما مر من قوله في علة سؤالهم عن الزمان لجواز تقادم العهد ولما يأتي أيضا قريبا ويأتي متنا في باب الشهادة على الزنا أنها تسقط بالتقادم ولم أر من نبه على هذا المحل ثم رأيت الرملي نبه عليه في حاشية المنح حيث وقع فيها كما هنا فقال المقرر إن التقادم يمنعها دون الفرار وكما يمنع التقادم قبول الشهادة في الابتداء فكذا يمنع الإقامة بعد القضاء فتأمل (قوله: ولو أقر أنه زنى بخرساء أو هي أقرت إلخ) قال في النهر قيل يشكل عليه ما لو أقر أنه زنى بغائبة حد استحسانا لأن انتظار حضورها لاحتمال أن تذكر مسقطا عنه وعنها ولا يجوز التأخير بهذا الاحتمال فيحتاج إلى الفرق ا هـ. وفي حاشية أبي السعود قال شيخنا تغمده الله برحمته قد صرح الزيلعي في الباب الآتي بالفرق حيث قال بخلاف ما إذا أقر أنه زنى بغائبة أو شهد عليه بذلك حيث يحد وإن احتمل أن ينكر الغائب الزنا أو يدعي النكاح لأنه لو حضر وأنكر الزنا أو ادعى النكاح يكون شبهة واحتمال ذلك يكون شبهة الشبهة فالشبهة هي المعتبرة دون شبهة الشبهة ا هـ. قال ثم ظهر لي أنه لا يصلح فارقا لما أن شبهة الشبهة ثابتة في المسألتين إذ دعوى الخرساء على فرض نطقها ما يسقط الحد هو الشبهة وجواز أنها لو تكلمت أبدته شبهة الشبهة فكان الاحتياج إلى إبداء الفرق باقيا ا هـ. بلفظه. وذكر في الجوهرة أن القياس عدم الحد لجواز أن تحضر فتجحد فتدعي حد القذف أو تدعي نكاحا فتطلب المهر وفي حده إبطال حقها والاستحسان أن يحد لحديث ماعز أنه حد مع غيبة المرأة وتمامه فيه وحاصله أنه ترك القياس للدليل فلا يقاس عليه ما لو زنا بخرساء لوروده على خلاف القياس وبه يندفع الإشكال والله تعالى أعلم (قوله: ومتى لم يجب على الرجل أصلا لم يجب على المرأة) سيأتي عند قول المصنف وبزنا صبي أو مجنون أنه منقوض بزنا المكره بالمطاوعة والمستأمن بالذمية والمسلمة ا هـ. لكن احترز هنا عن الأول بقوله: وإن انعقد إلخ تأمل. (قوله: وبهذا علم أن البينة على الإقرار لا تقبل أصلا) أي إلا في سبع ذكرها في الأشباه. (قوله: وبهذا علم إلخ) في كافي الحاكم رجل تزوج فزفت له أخرى فوطئها قال لا حد عليه ولا على قاذفه رجل فجر بامرأة ثم قال حسبتها امرأتي قال عليه الحد وليست هذه كالأولى؛ لأن الزفاف شبهة ألا ترى أنها إن جاءت بولد ثبت نسبه منه وإن جاءت هذه التي فجر بها بولد لم أثبت نسبه منه ا هـ. ويمكن أن يفرق بين هذه وبين التي ذكرها المؤلف بأن التي ذكرها المؤلف هو جازم بأنها امرأته إلى الآن بخلاف قوله حسبتها امرأتي، فإنه يفيد أنه الآن مقر بأنها ليست امرأته، وإنما ظنها وقت الفعل فليتأمل ثم رأيت في التتارخانية عن شرح الطحاوي لو شهد عليه أربعة بالزنا ثم ادعى شبهة فقال: ظننت أنها امرأتي لا يسقط الحد ولو قال هي امرأتي أو أمتي لا حد عليه ولا على الشهود ا هـ. (قوله: فإنه قال ويكره لذي الرحم المحرم إلخ) الظاهر أن الكراهة تنزيهية ثم إن محل كراهة رجمه مطلقا إذا لم يكن المحرم شاهدا قال في الجوهرة، وإن شهد أربعة على أبيهم بالزنا وجب عليهم أن يبتدئوا بالرجم وكذا الإخوة وذوو الرحم ويستحب أن لا يتعمدوا مقتلا وكذا ذوو الرحم المحرم، وأما ابن العم فلا بأس أن يتعمد قتله؛ لأن رحمه لم يكمل فأشبه الأجنبي وقد قالوا: إن الابن إذا شهد على أبيه بالزنا لم يحرم الميراث بهذه الشهادة؛ لأن الميراث يجب بالموت، والشهادة إنما وقعت على الزنا وذلك غير الموت وكذا إذا شهد عليه بالقصاص فقتل لم يحرم الميراث لهذه العلة (قوله: فلو لم يثن الإمام سقط الحد) نقل في النهر عن إيضاح الإصلاح أن حضوره غير لازم ثم قال: إن ما في الفتح إنما يتم لو سلم وجوب حضوره كالشهود قال وفي الدراية ويستحب للإمام أن يأمر طائفة من المسلمين أن يحضروا لإقامة الحدود واختلفوا في عددها فعن ابن عباس واحد وقال عطاء اثنان والزهري ثلاثة والحسن البصري عشرة ا هـ. وهذا صريح في أن حضورهم ليس شرطا فرميهم كذلك فلو امتنعوا لم يسقط ا هـ. ما في النهر. (قوله: أنه يجب على الإمام أن يأمرهم بالابتداء) أي أن يأمر الشهود في صورة ثبوته بالبينة وقوله: وأن يبتدئ هو في الإقرار أي وأنه يجب أن يبتدئ هو أي القاضي في صورة ثبوته بالإقرار (قوله: فإذا امتنع حينئذ ظهرت إمارة الرجوع) تمام عبارة الفتح فامتنع الحد لظهور ثبوت شبهة تقصيره في القضاء وهي دارئة فكان البدأة في معنى الشرط إذ لزم عن عدمه العدم لا أنه جعل شرطا بذاته وهذا في حقه عليه الصلاة والسلام منتف فلم يكن عدم رجمه دليلا على سقوط الحد ا هـ. وبه يتضح المرام وحاصله الفرق بينه عليه الصلاة والسلام وبين غيره لاحتمال تساهل غيره في القضاء فيشترط بداءته فلا منافاة بين ما روي عن علي كرم الله وجهه وبين ما ثبت في حديث ماعز. (قوله: وفي فتاوى قارئ الهداية إلخ) قال في النهر ما مر يقتضي أن الذمي لو زنى بمسلمة ثم أسلم لا يرجم ولا يعارضه ما ذكره قارئ الهداية؛ لأنه أراد بالحد هنا الجلد. (قوله فتح مواد البغاء) هكذا في بعض النسخ والذي في عامتها قطع مواد البغاء إلخ. (قوله: وظاهر كلامهم هنا أن السياسة إلخ) انظر ما سيذكره المؤلف قبيل كتاب السير. باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه). (قوله: وجاريته قبل الاستبراء) فيه أن الكلام في وطء هو زنا سقط فيه الحد لشبهة الملك وهذه فيها حقيقة الملك، وإنما منع من وطئها لعارض اشتباه النسب كما منع من وطء الحائض والنفساء للأذى مع قيام الملك (قوله: وعليه الحد في قول أبي يوسف) قدم عن المحيط عن قول المتن وندب تلقينه أن هذا هو ظاهر الرواية بل سيذكر آخر هذا الباب عن جامع قاضي خان لو زنى بحرة ثم نكحها لا يسقط الحد بالاتفاق (قوله: فشمل المختلعة) قال في الفتح بعد كلام وبهذا يعرف خطأ من بحث في المختلعة وقال ينبغي كونها من ذوات الشبهة الحكمية لاختلاف الصحابة في الخلع وهذا غلط؛ لأن اختلافهم فيه إنما هو في كونه فسخا أو طلاقا وعلى كل حال الحرمة ثابتة، فإنه لم يقل أحد أن المختلعة على مال تقع فرقتها طلاقا رجعيا ا هـ. ونقله عنه في الشرنبلالية أقول: قوله وبهذا عرف خطأ من بحث في المختلعة إن كان المراد بها المختلعة على مال كما هو ظاهر كلامه آخرا فظاهر لكن قول المجتبى ينبغي أن تكون كالمطلقة ثلاثا إلخ صريح في أنها ليست من الشبهة الحكمية أعني شبهة المحل بل من الشبهة في الفعل وهذا ما يأتي قريبا عن الكرخي من قوله من أنه لو خالعها أو طلقها على مال فوطئها في العدة ينبغي أن يكون كالمطلقة ثلاثا وكل من كلام المجتبى والكرخي لم يعلل فيه باختلاف الصحابة بل بحرمتها إجماعا، وإن كان المراد المختلعة لا على مال كما هو مراد المؤلف هنا بدليل ما سيأتي يذكره وهو المراد من كلام النسفي أيضا فغير ظاهر إلا بإثبات اتفاق الصحابة على عدم وقوع الرجعي به أيضا كالذي على مال. (قول المصنف كمعتدة الثلاث) قال في الشرنبلالية هذا إذا طلقها ثلاثا صريحا إما لو نواها بالكناية فوقعت فوطئها في العدة وقال علمت أنها حرام لا يحد لتحقق الاختلاف وهذا من قبيل الشبهة الحكمية وهذه يلغز بها فيقال مطلقة ثلاث وطئت في العدة وقال علمت حرمتها ولا يحد وهي ما وقع عليها الثلاث بالكناية كذا في الفتح ا هـ. (قوله: فينبغي أن لا يحد، وإن علم الحرمة إلخ) قال بعض الفضلاء هذا صريح في أن المطلقة ثلاثا من قبيل شبهة المحل لكن الذي في التبيين والفتح وغيرهما الجزم بأنها من شبهة الفعل وأنه لا اعتبار بخلاف الظاهرية لكونه نشأ بعد انعقاد إجماع الصحابة في زمن عمر رضي الله تعالى عنه وما سيذكره من الجمع فذاك إنما يحتاج إليه عند التعارض والإشارة لا تعارض العبارة بل العبارة هي المتقدمة (قوله: والمستعير للرهن) أي المستعير أمة لأجل أن يرهنها فاللام تعليلية. (قوله: أطلقه فشمل البصير والأعمى إلخ) نقل في التتارخانية ما هنا عن المنتقى والأصل ثم قال الخلاصة ولو أن أعمى وجد في فراشه أو حجرته امرأة فوقع عليها وقال ظننت أنها امرأتي قال أبو يوسف لا يعذر وقال زفر يدرأ عنه الحد وعليه العقر الظهيرية رجل وجد في بيته امرأة في ليلة ظلماء فغشيها وقال ظننت أنها امرأتي لا حد عليه ولو كان نهارا يحد الحاوي. وعن زفر عن أبي حنيفة فيمن وجد في حجلته أو بيته امرأة فقال ظننت أنها امرأتي إن كان نهارا يحد، وإن كان ليلا لا يحد وعن يعقوب عن أبي حنيفة أن عليه الحد ليلا كان أو نهارا قال أبو الليث الكبير وبرواية زفر يؤخذ ا هـ. قلت ومقتضى هذا أنه لا حد على الأعمى ليلا كان أو نهارا تأمل (قوله: لما نذكره في المرقوقة) كذا في النسخ بقافين بعد الراء والصواب المزفوفة بالزاي المعجمة وفاءين أي في مسألة الأجنبية التي زفت إليه الآتية تلو هذه ثم لا يخفى أن المراد بقوله: وإن جاءت بولد إلى آخر ما إذا دعاها فأجابته؛ لأن النسب لا يثبت إلا بتحقق الحل من وجه أما عند عدم الشبهة أصلا فلا يثبت النسب (قوله: وظاهر كلام المصنف إلخ) أقول: ظاهر هذا أنه لا بد من الإخبار وأنه لا يكفي مجرد زفافها إليه لكن عبارة الحاكم الشهيد في الكافي تفيد عدم اشتراطه حيث قال رجل تزوج امرأة فزفت إليه أخرى فوطئها قال لا حد عليه ولا على قاذفه ثم علله بأن الزفاف شبهة ولذا لو جاءت بولد ثبت نسبه منه ا هـ. فجعل الشبهة نفس الزفاف ولعل هذا رواية أخرى وعليها مشى في الخانية أيضا ويكون ما في المتون رواية غيرها وينبغي على الثانية أن من زفت إليه زوجته ولم يكن رآها أنه لا يحل له وطؤها ما لم تقل له النساء هذه زوجتك لاحتمال أنها تكون غيرها وفي ذلك حرج، فإنه لا يكاد أحد يفعله الآن فيلزم تأثيم الناس على أن احتمال كونها غيرها احتمال ضعيف ربما لا يقع في سنين عديدة إلا نادرا ولا سيما إذا كانت في بيته ليلة الزفاف واجتمع عليها أهله وأقاربه وغيرهن وزينوها وأفردوها في محل مخصوص ثم أدخلت عليه، فإن احتمال كونها غيرها أبعد ما يكون فوجوب السؤال بعيد أيضا. والظاهر أنه يكفي مجرد زفافها عملا بهذا الظاهر بل هو أقوى مما لو جاءت بها امرأة من بيت أهلها ثم أدخلتها عليه وقالت له هذه زوجتك، فإنه يحتمل كذبها. (قوله: حيث جعله في بيت المال) أي يؤخذ من الواطئ ويوضع في بيت المال (قوله: وفي فتح القدير والأوجه إلخ) أقول: ذكر في الفتح بعد هذا بأسطر ما نصه. والحاصل أنه لو اعتبر شبهة اشتباه أشكل عليه ثبوت النسب وأطلقوا أن فيها لا يثبت النسب، وإن اعتبر شبهة محل اقتضى أنه لو قال علمتها حراما علي لعلمي بكذب النساء لا يحد ويحد قاذفه والحق أنه شبهة اشتباه لانعدام الملك من كل وجه وكون الإخبار يطلق الجماع شرعا ليس هو الدليل المعتبر في شبهة المحل؛ لأن الدليل المعتبر فيه هو ما مقتضاه ثبوت الملك نحو: «أنت ومالك لأبيك» والملك القائم للشريك لا ما يطلق شرعا مجرد الفعل غير أنه يستثنى من الحكم المرتب عليه أعني عدم ثبوت النسب للإجماع فيه وبهذه والمعتدة ظهر عدم انضباط ما مهدوه من أحكام الشبهتين ا هـ. وعلى هذا مشى المؤلف أولا فكان عليه أن يذكر كلام الفتح هذا ولا يقتصر على ما ذكره. (قوله وإلا وجبت العدة وثبت النسب) قال في الفتح تلو هذه ودفع بأن من المشايخ من التزم ذلك وعلى التسليم فثبوت النسب والعدة أقل ما يبتنى عليه وجود الحل من وجه وهو منتف في المحارم وشبهة الحل ليس إلا بثبوت الحل من وجه، فإن الشبهة ما يشبه الثابت وليس بثابت فلا ثبوت لماله شبهة الثبوت بوجه من الوجوه ألا ترى أن أبا حنيفة ألزم عقوبته بأشد ما يكون. وإنما لم يثبت عقوبة هي الحد فعرف أنه زنا محض عنده إلا أن فيه شبهة فلا يثبت نسبه ا هـ. قال في النهر وهذا إنما يتم بناء على أنها شبهة اشتباه قال في الدراية وهو قول بعض المشايخ والصحيح أنها شبهة عقد؛ لأنه روي عن محمد أنه قال: سقوط الحد عنه لشبهة حكمية فيثبت النسب وهكذا ذكر في المنية ا هـ. وهذا صريح بأن الشبهة في المحل وفيها يثبت النسب على ما مر ا هـ. ما في النهر ونقل الرملي في باب المهر عن العيني أنه قال يثبت النسب عنده خلافا لهما قال وفي مجمع الفتاوى تزوج المطلقة ثلاثا وهما يعلمان بفساد النكاح فولدت في الحاوي أنه لا يجب الحد عنده ويثبت النسب خلافا لهما كما لو تزوج بمحارمه ودخل بها (قوله: وهو بالاتفاق على الأظهر) هذا ما حرر المحقق في الفتح حيث قال ثم قول حافظ الدين في الكافي في تعليل سقوط الحد في تزوج المجوسية وما معها؛ لأن الشبهة إنما تنتفي عندهما يعني حتى يجب الحد إذا كان مجمعا على تحريمه وهي حرام على التأبيد يقتضي أن لا يحد عندهما في تزوج منكوحة الغير وما معها؛ لأنها ليست محرمة على التأبيد، فإن حرمتها مقيدة ببقاء نكاحها وعدتها كما أن حرمة المجوسية مغياة بتمجسها حتى لو أسلمت حلت كما أن تلك لو طلقت وانقضت عدتها حلت وأنه لا يحد عندهما إلا في المحارم فقط وهذا هو الذي يغلب على ظني والذين يعتمد على نقلهم وتحريرهم مثل ابن المنذر كذلك ذكروا فحكى ابن المنذر عنهما أنه يحد في ذات المحرم ولا يحد في غير ذلك قال مثل أن يتزوج مجوسية أو خامسة أو معتدة. وعبارة الكافي للحاكم تفيد ذلك حيث قال رجل تزوج امرأة ممن لا يحل له نكاحها فدخل بها قال لا حد عليه، وإن فعله على علم لم يحد أيضا ويوجع عقوبة في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إن علم بذلك فعليه الحد في ذوات المحارم إلى هنا لفظه فعمم في المرأة التي لا تحل له في سقوط الحد على قول أبي حنيفة ثم خص مخالفتهما بذوات المحارم من ذلك العموم فاللفظ ظاهر في ذلك على ما عرف في الروايات ا هـ. ومراده بذلك الرد على ما نقله حافظ الدين في الكافي حيث قال منكوحة الغير ومعتدته ومطلقة الثلاث بعد التزويج كالمحرم، وإن كان النكاح مختلفا فيه كالنكاح بلا ولي ولا شهود فلا حد عليه اتفاقا وفي النهر هنا سقط أو إيجاز مخل فليتنبه له. (قوله: فمحمول على السياسة) تقدم تفسيرها عند قوله ولا يجمع بين جلد ورجم (قوله: وهل تكون اللواطة في الجنة إلخ) قال السيوطي قال ابن عقيل الحنبلي جرت مسألة بين أبي علي بن الوليد المعتزلي وبين أبي يوسف القزويني في إباحة جماع الولدان في الجنة فقال ابن الوليد لا يمنع أن يجعل ذلك من جملة اللذات في الجنة لزوال المفسدة؛ لأنه إنما منع في الدنيا لما فيه من قطع النسل وكونه محلا للأذى وليس في الجنة ذلك ولهذا أبيح شرب الخمر لما ليس فيه من السكر وغاية العربدة وزوال العقل فذلك لم يمنع من الالتذاذ بها فقال أبو يوسف: الميل إلى الذكور عاهة وهو قبيح في نفسه؛ لأنه محل لم يخلق للوطء ولهذا لم يبح في شريعة بخلاف الخمر وهو مخرج الحدث والجنة نزهت عن العاهات فقال ابن الوليد العاهة هي التلويث بالأذى وإذا لم يبق إلا مجرد الالتذاذ ا هـ. كلامه كذا في حواشي المنح للرملي. (قوله: تسمية للفعل باسم الفاعل) كذا في النسخ والصواب ما في الفتح تسمية للمفعول (قوله: أو لكونها مسببة بالتمكين) عطفه بأو وقد جعله في الفتح بيانا لعلاقة المجاز وعبارته بعد ذكره المجاز لكونها مسببة لزنا الزاني بالتمكين فتعلق الحد حينئذ في حقها بالتمكين من فعل هو زنا والزنا فعل من هو منهي عنه أثم به وفعل الصبي ليس كذلك فلا يناط به الحد. ا هـ. وبهذه العبارة يتضح كلام المؤلف وفي الفتح بقي أن يقال كون الزنا في اللغة هو الفعل المحرم ممن هو مخاطب ممنوع بل إدخال الرجل قدر حشفته قبل مشتهاة حالا أو ماضيا بلا ملك أو شبهة وكونه بالغا عاقلا لاعتباره موجبا للحد شرعا فقد مكنت من فعل هو زنا لغة، وإن لم يجب على فاعله حد فالجواب أن هذا يوجب التفصيل بين تمكينها صبيا فلا تحد ومجنونا فتحد؛ لأن قولهم وطئ الرجل يخص البالغ لكن لا قائل بالفصل والذي يغلب على الظن من قوة كلام أهل اللغة أنهم لا يسمون فعل المجنون زنا ولو احتمل ذلك فالموضع موضع احتياط في الدرء فلا تحد به. ا هـ. (قوله: قيدنا بأن يكون استأجرها ليزني بها) أي بأن يقول: استأجرتك لأزني بك أو قال أمهرتك كذا لأزني بك أو خذي هذه الدراهم لأطأك كما في الفتح قال والحق في هذا كله وجوب الحد إذ المذكور معنى يعارضه كتاب الله تعالى قال الله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا} فالمعنى الذي يفيد أن فعل الزنا مع قوله أزني بك لا يجلد معه للفظ المهر معارض له. ا هـ. وأقره في النهر. (قوله: وإن جنت الأمة) تقدمت هذه المسألة أول الباب. (قوله: وقال بعضهم لا يحدون) أقول: هذا هو المذهب فقد اقتصر عليه الحاكم الشهيد في الكافي حيث قال وإذا شهد الشهود على رجل بزنا قديم لم آخذ بشهادتهم ولا أحدهم. ا هـ. وهذا هو الوجه، فإن شهادتهم كاملة. (قوله وذلك، لأنها يتصور أن تكون أمة ابنه إلخ) قال في النهر مقتضى هذا أنه لو قال هي أجنبية عني بكل وجه أن يحد. (قوله: وغرموا ربع الدية) كذا في عامة النسخ وفي نسخة كل الدية وعلى ما في العامة قال الرملي صوابه جميع الدية قال في النهر بعد قوله وغرم ربع الدية؛ لأن الذي تلف بشهادته إنما هو ربع الحق ولذا لو رجع الكل حدوا وغرموا الدية ا هـ. (قوله: فأشبه الطبيب إلخ) ذكر المواضع التي يباح فيها النظر إلى العورة عند العذر وقد نظمتها بقولي ولا تنظر لعورة أجنبي بلا عذر كقابلة طبيب وختان وخافضة وحقن شهود زنا بلا قصد مريب وعلم بكارة في عنة أو زنا أو حين رد للمعيب. (قوله: وحد الخمر والسكر لا يقام على أحد من الكفار) قال في النهر وفي منية المفتي سكر الذمي من الحرام حد في الأصح ولعل هذا هو العذر للمصنف في حذفه قيد الإسلام إلا أنه في فتاوى قارئ الهداية أجاب حين سئل عن الذمي إذا سكر هل يحد قال إذا شرب الخمر وسكر منه المذهب أنه لا يحد وأفتى الحسن بأنه يحد واستحسنه بعض المشايخ؛ لأن السكر في جميع الأديان حرام (قوله: وظاهر كلام المصنف أن الصحو شرط لإقامة الحد) ظاهر كلامه أنه لم ير نقلا صريحا ونقله في النهر عن العيني وفي التتارخانية ولو شهد الشهود على السكران لا يقام عليه الحد حتى يصحو فإذا صحا يقام عليه سواء ذهبت رائحة الخمر منه أو لم تذهب. (قوله: غير أنه مقدر بالزمان عند محمد) أي بشهر كما قدمه في الباب السابق (قوله: وتلتلوه ومزمزوه) قال في الفتح المزمزة التحريك بعنف والترترة والتلتلة التحريك وهما بتاءين مثناتين من فوق (قوله: وقول الزيلعي وأشار في الهداية إلخ) أقول: ما ذكره من عبارة الهداية ظاهر فيما قاله الزيلعي؛ لأن الرائحة قد يزيلها السكران باستعمال شيء فلا يلزم من وجود السكر وجود الرائحة ثم رأيت في حاشية أبي السعود كما ذكرت حيث قال بعد سوقه عبارة المؤلف وفيه نظر إذ ما نقله في البحر عن الهداية لا ينافي ما ادعاه الزيلعي حتى لو ذهبت الريح بالمعالجة لم يكن ذلك مانعا من إقامة الحد كما قدمناه عن البرجندي معزيا للمحيط وهذا الذي قد فهمه الزيلعي من عبارة الهداية هو الظاهر وقوله إذ لا يوجد سكران إلخ غير مسلم لما علمت من عدم التلازم بينهما (قوله: وهذا يدل على أن البنج حلال مطلقا) أي سواء علم به أو لا ولم يذكر ما إذا سكر منه وفي التتارخانية ولو سكر من نبيذ العسل أو الذرة أو نحو ذلك أو من البنج أو لبن الرماك لم يحد ثم قال وفي جامع الجوامع وجدت بخط شيخي في زماننا الفتوى على أن من سكر من البنج يحد ا هـ. ومثله في القهستاني عن النهاية وفي العناية رواية الجامع الصغير للإمام المحبوبي تدل على أن السكر الحاصل من البنج حرام وكلام المصنف يدل على أن البنج مباح ولا تنافي بينهما. ا هـ. وفي حاشية أبي السعود بعد نقله عن المؤلف تصحيح الحل ويخالفه ما جزم به في التنوير من كتاب الأشربة بحرمته، ونصه: ويحرم أكل البنج والحشيشة والأفيون لكن دون حرمة الخمر. ا هـ. قلت التوفيق بينهما ممكن بما نقله شيخنا عن القهستاني آخر كتاب الأشربة ونصه أن البنج أحد نوعي القت حرام؛ لأنه يزيل العقل وعليه الفتوى بخلاف نوع آخر منه، فإنه مباح كالأفريت؛ لأنه وإن اختل العقل لكنه لا يزيل وعليه يحمل ما في الهداية وغيرها من إباحة البنج كما في شرح اللباب (قوله: وما دون ذلك لا يعرى عن شبهة الصحو) أي فيندرئ به الحد قال في العناية ولهذا وافقهما في السكر الذي يحرم عنده القدح المسكر أن المعتبر فيه هو اختلاط الكلام؛ لأن اعتبار النهاية فيما يندرئ بالشبهات والحل والحرمة يوجد بالاختلاط وهذا معنى قوله والمعتبر في القدح السكر في حق الحرمة ما قالاه بالإجماع أخذا بالاحتياط؛ لأنه لما اعتقد حرمة القدح الذي يلزم الهذيان واختلاط الكلام عنده يمتنع عنه فلما امتنع وهو الأدنى في حد السكر كان ممتنعا عن الأعلى فيه وهو ما قاله أبو حنيفة رحمه الله تعالى. باب حد القذف). (قوله: وليس هو من الكبائر مطلقا إلخ) قال في النهر بعد ذكره والأولى ما في العناية بأنه نسبة المحصن إلى الزنا صريحا أو دلالة إذ الإجماع إنما هو في المحصن فقد قال الحليمي من الشافعية قذف الصغيرة والمملوكة والحرة المتهتكة من الصغائر؛ لأن الإيذاء في قذفهن دونه في الحرة الكبيرة المستترة بل قال ابن عبد السلام منهم الظاهر أن قذف المحصن في خلوته بحيث لا يسمعه إلا الله سبحانه وتعالى والحفظة ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة وخالفه البلقيني فقال بل الظاهر أنه كبيرة موجبة للحد فطاما عن هذه المفسدة ولظاهر قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات} الآية وهذا رمي المحصنة، وقوله عليه الصلاة والسلام: «اجتنبوا السبع الموبقات وعد منها قذف المحصنات» وهكذا استدل في فتح القدير للإجماع وهو مؤيد لما قاله البلقيني وما في البحر من أن قواعدنا لا تأبى ما قاله ابن عبد السلام مدفوع. ا هـ. وقال الباقاني في شرحه على الملتقي بعد ذكره عبارة المؤلف أقول: المذكور في جمع الجوامع للمحلي قال ابن عبد السلام قذف المحصن في الخلوة بحيث لا يسمعه إلا الله تعالى والحفظة ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة وقال محشيه اللقاني المحقق من مثل هذه العبارة نفي إيجاب الحد لا نفي كونه كبيرة أيضا؛ لأن الكلام المقيد بقيود إذا نفي توجه النفي للقيد الأخير ويصير الكلام صادقا بنفي غيره وبثبوته. ا هـ. وقال الزركشي قال ابن عبد السلام الظاهر أن من قذف محصنا في خلوته ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة وما قاله قد يظهر فيما إذا كان صادقا دون الكاذب لجراءته على الله تعالى. ا هـ. فتأمل. ا هـ. وفي شرح المنتقى للحصكفي قلت: والذي حررته في شرح منظومة والد شيخنا تبعا لشيخنا النجم الغزي الشافعي أنه من الكبائر، وإن كان صادقا ولا شهود له عليه ولو من الوالد لولده أو لولد ولده، وإن لم يحد به بل يعزر ولو لغير محصن وشرط الفقهاء الإحصان إنما هو لوجوب الحد لا لكونه كبيرة وقد روى الطبراني عن واثلة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: «من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار». (قوله: فالقاضي يسأل الشاهدين عن القذف إلخ) قال الحموي وينبغي أن يسألهما عن المكان لاحتمال أن يكون قذفه في دار الحرب أو البغي وعن الزمان لاحتمال أن يكون قذفه في صباه لا لاحتمال التقادم؛ لأنه لا يبطل به بخلاف سائر الحدود ثم رأيت الأول في البدائع. ا هـ. أبو السعود (قوله: وكذا لو شهد أحدهما بالإقرار إلخ) قال أبو السعود يفيد قبول هذه الشهادة عند الإمام وكلامه في النهر يفيد الاتفاق على أنها لا تقبل ونصه ولو شهد أحدهما أنه قذفه يوم الخميس والآخر أنه أقر بقذفه في ذلك اليوم لم يحد في قولهم. (قوله: ويخالفه ما في الخانية إلخ) كذا يخالفه ما في الجوهرة إذا قال: أنت أزنى الناس، فإنه لا يحد؛ لأن معناه أنت أقدر الناس على الزنا. ا هـ. والظاهر أن علة ما في الخانية هذه وعليه فيكون أنت أزنى من فلان الزاني أو من فلان مثل أزنى الناس وأزنى مني تأمل ثم رأيته في النهر قال وفي أنت أزنى الناس أو من فلان خلاف ففي المبسوط لا حد عليه إذ معناه أنت أقدر الناس على الزنا وجزم قاضي خان بوجوبه به وكذا في أنت أزنى مني فجزم في الظهيرية بوجوبه وفي الخانية بأنه لا يجب. ا هـ. وأوضح المراد في التتارخانية حيث قال نقلا عن المحيط وفي كتاب الاختلاف روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة إذا قال لغيره: أنت أزنى الناس أنت أزنى من الزناة أنت أزنى من فلان الزاني أنت أزنى فلان أو أنت أزنى مني فعليه الحد وقال أبو يوسف في الثلاث الأول الحد وفي الرابع والخامس لا يجب الحد. ا هـ. (قوله: فينبغي أن لا يحد إلخ) يفيد أنه لا يحد القاذف بنسبة المقذوف إلى فعل يوجب الحد وبه صرح ابن الكمال (قوله: ولو قال لرجل زنيت ببعير إلخ) قال في النهر ولو قال لها زنيت بحمار أو بعير أو ثور لم يحد؛ لأن الزنا إدخال ذكره في قبل مشتهاة إلى آخره بخلاف ما لو قال زنيت بناقة أو أتان أو دراهم؛ لأن معناه زنيت وأخذت البدل إذ لا تصلح المذكورات للإدخال في فرجها ولو قيل: هذا الرجل لا يحد؛ لأنه ليس العرف في جانبه أخذ المال. ا هـ. وهو مخالف لما ذكره المؤلف، فإن هذا التعليل يفيد أنه لو قال له زنيت بدار أو ثوب أن لا يحد كما لو قال له بدراهم إلا أن تكون الإشارة بقوله ولو قيل هذا الرجل إلى قوله بحمار أو بعير أو ثور تأمل ثم رأيت في كافي الحاكم، وإن قال لرجل زنيت ببعير أو بناقة أو ما أشبه ذلك أو بأمة لم يحد إلا في الأمة خاصة. ا هـ. (قوله: حتى لو قذف رتقاء أو مجبوبا لا يجب عليه الحد) زاد في النهر في قذف من لا يجب بقذفه الحد الخصي والمملوك للقاذف كما سيأتي والخنثى الذي بلغ مشكلا نص عليه في السراجية ووجهه أن نكاحه موقوف وهو لا يفيد الحل. ا هـ. وفيه نظر ففي التتارخانية وكذلك إذا قذف الرتقاء لا حد عليه وكانت بمنزلة المجبوب بخلاف ما لو قذف خصيا أو عنينا؛ لأن الزنا منهما غير منتف وكذا إذا قذف امرأة عذراء؛ لأن الزنا متصور. ا هـ. فكان الصواب ترك الخصي وكذا المملوك لما في حاشية مسكين عن الحموي أن الذي سيأتي ما إذا قذف أم مملوكه، وأما المملوك فقذفه لا يوجب الحد مطلقا سواء كان مملوكه أو ملوك غيره كما سيأتي في التعزير واعترض الحموي أيضا تعليله بمسألة الخنثى بأنه لا دخل للنكاح البات المفيد للحل في إيجاب حد القذف حتى يترتب على عدمه عدم وجوب الحد، وإنما ذاك في حد الزنا بالرجم. ا هـ. قلت بل لا دخل للنكاح أصلا قال في الدر المختار ينقص عن إحصان الرجم بشين النكاح والدخول قلت والظاهر وجوب الحد بقذفه لعدم تحقق الزنا منه لاحتمال زيادة كل من السلعتين إلا أنه قد يقال يمكن تحققه منه بأن يأتي غيره ويأتيه غيره وعبارة السراجية مطلقة وهي على ما في التتارخانية قذف خنثى بلغ مشكلا ولم يتبين حاله لم يحد فتأمل ثم ظهر لي أن مراد النهر حمل المسألة على ما إذا تزوج الخنثى المذكور ودخل فقذفه آخر، فإنه لا يحد بقذفه؛ لأنه وطئ في غير ملكه لكون نكاحه موقوفا لا يفيد الحل فلا يرد عليه ما مر أصلا. (قوله: لم يحد القاذف بقوله) قال في الشرنبلالية فهذا يستثنى من قول أئمتنا لو راهقا وقالا بلغنا صدقا وأحكامها أحكام البالغين (قوله: وفي الظهيرية لو قال لامرأته زنيت وأنت كافرة إلخ) قال المؤلف في باب اللعان نقلا عن الفتح ولو أسند الزنا بأن قال زنيت وأنت صبية أو مجنونة وهو معهود وهي الآن أهل فلا لعان بخلاف وأنت ذمية أو أمة أو منذ أربعين سنة وعمرها أقل تلاعنا لاقتصاره (قوله:؛ لأنه لو قال ذلك للأجنبية يجب الحد)؛ لأنه قاذف يوم تكلم بزناها والمعتبر عندنا في القذف حال ظهوره دون حال الإضافة كذا في الجوهرة قال في منح الغفار أقول: ما ذكره من الأصل مشكل؛ لأنه إن اعتبر في القذف حال ظهوره دون حال الإضافة لزم أن يحد في قوله زنيت بك وأنت صغيرة وكذا في نظائره فليتأمل. ا هـ. وأجاب الرملي في حاشيته عليه بأنه في الصغيرة ليس بقذف لعدم تصوره منها إذ ذاك ولذا لم يسقط به إحصانها بخلاف الأمة والكافرة فيحد لتصوره ولذلك يسقط الإحصان فلم يدخل الأول في الأصل. ا هـ. وإلى هذا أشار في الفتح حيث قال ولو قال زنيت وأنت صغيرة لم يحد لعدم الإثم (قوله: قال رضي الله عنه فيه نظر إلخ) قال في النهر يؤيده أن رفع العار مجوز لا ملزم وإلا لامتنع عفوه عنه وأجبر على الدعوى وهو خلاف الواقع. ا هـ. قلت بل قال في التتارخانية عن تجنيس الناصري وحسن أن لا يرفع القاذف إلى القاضي ولا يطالبه بالحد وحسن من الإمام أن يقول للمقذوف قبل أن يثبت عليه الحد أعرض عن هذا أو دعه. ا هـ. (قوله؛ لأنه لا تشترط العفة عن الوطء الحرام) نظر فيه بأن من جملة الوطء الحرام الذي ليس بزنا الوطء بنكاح فاسد والوطء بشبهة مع أنه تشترط العفة عنهما وأجيب بأنه أراد الحرام لغيره والقرينة عليه ما يأتي آخر المقولة عن شرح الطحاوي وكذا ما يأتي عند قول المتن ومن قذف امرأة لم يدر أبو ولدها إلخ فراجعه، فإنه صريح في ذلك (قوله: ولو وطئ جارية ابنه في عدة من زوج لها إلخ) أقول: قدم أول كتاب الحدود أنه لو وطئ جارية ابنه لا يحد للزنا ولا يحد قاذفه بالزنا وصرح به في الفتح أيضا أول باب الوطء الذي لا يوجب الحد وسيأتي أيضا عند قول المصنف فيمن لا يحد قاذفه أو وطئ في غير ملكه أنه دخل فيه جارية ابنه. (قوله: وهو بعيد لما صرح به في الكافي إلخ) قال في النهر أقول: ما جرى عليه شراح الهداية وأكثر المتأخرين من التقييد بالغضب هو المذهب لما قدمناه أنه مع الرضا ليس قذفا وكيف يحد بما ليس قذفا وبه يضعف ما عن الثاني وكأن هذه الرواية شاذة عنه ولذا ذكر في وسيط المحيط عنه أنه قذف في حالة الغضب دون الرضا وما في الكافي لا دلالة فيه لما ادعاه بوجه مع استدلاله في النفي بالأثر وقد علمت أنه محمول على حالة الغضب والفرق بينه وبين قوله يا ولد الزنا أظهر من الشمس وقت الضحى؛ لأنه لا يحتمل غير القذف فاستوت الحالتان فيه بخلاف النفي ثم رأيت في عقد الفوائد قال التفصيل هو ظاهر المذهب والاعتماد عليه دون ما يقع سواه مخالفا له (قوله: أما الأول وهو ما إذا نفاه عن جده إلخ) قال في الفتح واعلم أن قوله لست ابن فلان لأبيه المعروف له معنى مجازي هو نفيه المشابهة ومعنى حقيقي هو نفي كونه من مائه مع زنا الأم به أو عدمه بل بشبهته فهي ثلاث معان يمكن إرادة كل منها على الخصوص وقد حكموا بتحكيم الغضب وعدمه فمعه يراد نفي كونه من مائه مع زنا الأم به ومع عدمه يراد المجازي وقوله لست بابن فلان لجده له معنى مجازي هو نفي مشابهته لجده ومعنيان حقيقي وهو نفي كونه مخلوقا من مائه وآخر هو نفي كونه أبا أعلى له وهو يصدق بصورتين: نفي كون أبيه خلق من مائه بل زنت جدته به أو جاءت به بشبهة وهذه المعاني يصح إرادة كل منها وقد حكم بتعيين الغضب أحدها بعينه في الأول وهو كونه ليس من مائه مع زنا الأم به إذ لا معنى؛ لأن يخبره في السباب بأن أمه جاءت به بغير زنا بل بشبهة فيجب أن يحكم أيضا بتعين الغضب في المعنى الثاني الذي هو نفي نسب أبيه عنه وقذف جدته به، فإنه لا معنى لإخباره في حالة الغضب بأنك لم تخلق من ماء جدك وهو مع سماجته أبعد في الإرادة من أن يراد نفي أبوته لأبيه؛ لأن هذا كقولنا السماء فوق الأرض ولا مخلص إلا بأن يكون فيها إجماع على نفي الحد بلا تفصيل كما أن في تلك إجماعا على ثبوته بالتفصيل. ا هـ. قلت قد يجاب بالفرق وهو أن إرادة القذف في نفيه عن جده بالعدول عن الحقيقة إلى المجاز للقرينة وذلك شبهة يندرئ بها الحد؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة وحال المسلم شاهدة بأنه أراد الحقيقة وأتى في حال الشتم بكلام يحتمل القذف فصارت حالته قرينة معارضة لقرينة إرادة الشتم بخلاف نفيه عن أبيه، فإنه قذف حقيقة وحالة الغضب قرينة أيضا مساعدة للمعنى الحقيقي وكون القذف محرما قرينة على إرادة المعنى المجازي وهو كونه ليس مثل أبيه في الأخلاق فقد تعارضت القرينتان وهما حالة الغضب وحالة المسلم فتساقطتا وبقي المعنى الحقيقي سالما عن المعارض وهو نفي كونه مخلوقا من مائه (قوله: وأشار المصنف إلى أنه لو قال لست من بني فلان) يعني القبيلة كما صرح به في الخانية. قوله: ولا الأم ولا الأخ) كذا في عامة النسخ وفي نسخة ولا أم الأم وهي الصواب الموافقة لما في الفتح والخانية. قوله: وفي نفسي منه شيء إلخ) نقله الشرنبلالي وأقره واقتصر في الرمز والمنح على ما في القنية ولم يعولا على ما ذكره المؤلف ومنعه في النهر أيضا ولم يبين وجهه وقد وجهه بعض الفضلاء بأن الحد يندرئ بالشبهة؛ لأنه حق الله تعالى وحرمة الأبوة شبهة صالحة للدرء والتعزير خالص حق العبد وهو لا يندرئ بالشبهة ولا يلزم من سقوط الأدنى سقوط الأعلى. ا هـ. ولا يخفى أن قولهم لا يعاقب يشمل التعزير فيبقى توقف المؤلف وإبداء هذا الفرق لا يدفعه تأمل. (قوله فقد صرح في المبسوط بأنه إذا قضى إلخ) في الخانية من كتاب الصلح رجل قذف محصنا أو محصنة فأراد المقذوف حد القذف فصالحه القاذف على دراهم مسماة أو على شيء آخر على أن يعفو عنه ففعل لم يجز الصلح حتى لا يجب المال وهل يسقط الحد إن كان ذلك بعد ما رفع إلى القاضي لا يبطل الحد. ا هـ. وهذا لا يعارض ما في المبسوط؛ لأن قاضي خان إنما حكم بعدم بطلان الحد بالصلح، وأما كونه يقام بغير طلب أم لا فساكت عنه وقد علم مما هنا حكمه أفاده في المنح وبهذا ظهر فائدة التقييد في كلام المبسوط بالعفو بعد القضاء بالنظر إلى ما إذا كان على عوض لما علمت من اقتضاء كلام الخانية أنه يبطل إذا كان الصلح على عوض وكان قبل الرفع وبه صرح في فصول العمادي كما نقله عنها بعضهم. (قوله: قالوا لو تشاتم الخصمان بين يدي القاضي عزرهما) أي؛ لأن فيه إخلالا بالأدب في مجلس الشرع فلم يكن ذلك محض حقهما حتى يتكافآ فيه. (قوله: وعلى هذا الاعتبار يجب الحد دون اللعان) صوابه اللعان دون الحد كما في الهداية والفتح وغيرهما. وقوله: فجاء ما قلنا أي من بطلان الحد واللعان لوقوع الشك، فإنه على تقدير يجب الحد دون اللعان وعلى تقدير يجب اللعان دون الحد والحكم بتعيين أحدهما متعذر فلا يجب واحد منهما كذا في الفتح (قوله: أطلقه فشمل إلخ) أي حيث لم يقل ولو قالت كذا في جوابه لكنه خلاف الظاهر كما في النهر (قوله: لأنها لو قالت في جوابه أنت أزنى مني حد الرجل وحده) هذا مبني على ما مر أوائل الباب عن الخانية مخالفا للظهيرية من أنه لا يجب الحد بأنت أزنى مني أما على ما في الظهيرية، فإنها تحد بقولها ذلك وقدمنا هناك عن التتارخانية أن وجوب الحد به هو ما رواه الحسن عن أبي حنيفة وعدمه هو قول أبي يوسف بقي هنا شيء وهو أن قولها أنت أزنى مني قذف له صريحا بناء على ما في الظهيرية لكن هل يقال: إن فيه تصديقا له فتحد وحدها دونه كما لو قالت زنيت بك قبل أن أتزوجك على ما هو الأصل في أفعل التفضيل من اقتضائه المشاركة والزيادة أم لا فليراجع والظاهر الأول. (قوله: أو بالحديث المشهور) مثاله حرمة وطء المنكوحة للأب بلا شهود بناء على ادعاء شهرة حديث: «لا نكاح إلا بشهود» ولذا لم يعرف فيه خلاف بين الصحابة وحرمة وطء أمته التي هي خالته من الرضاع أو عمته لقوله عليه الصلاة والسلام: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» كذا في الفتح. (قوله: والثابت حرمتها بالمصاهرة) ليس على إطلاقه لما مر آنفا أنه يشترط في الحرمة المؤبدة عنده أن تكون ثابتة بالإجماع أو بالحديث المشهور قال في الفتح وأبو حنيفة إنما يعتبر الخلاف عند عدم النص على الحرمة بأن تثبت بقياس أو احتياط كثبوتها بالنظر إلى الفرج والمس بشهوة؛ لأن ثبوتها لإقامة المسبب مقام السبب احتياطا فهي حرمة ضعيفة لا ينتفي بها الإحصان الثابت بيقين بخلاف الحرمة الثابتة بزنا الأب، فإنها ثابتة بظاهر قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم} فلا يعتبر الخلاف مع وجود النص (قوله: أو قال له زنيت وأنت كافر إلخ) مقتضاه أنه لا يجب الحد به وقد مر عن الظهيرية عند قوله: وإحصانه إلخ ما يخالفه فتأمل وقد يقال ما مر محمول على ما إذا كان الزنا في حالة الكفر أو الرق غير ثابت وما هنا على ما إذا كان ثابتا ثم رأيته لكن في الفتح والمراد قذفها بعد الإعلام بزنا كان في نصرانيتها بأن قال زنيت وأنت كافرة وكذا لو قال المعتق زنى وهو عبد زنيت وأنت عبد لا يحد كما لو قال قذفتك بالزنا وأنت مكاتبة أو أمة فلا حد عليه؛ لأنه إنما أقر أنه قذفها في حال لو علمنا منه صريح القذف لم يلزم حده؛ لأن الزنا يتحقق من الكافر ولذا يقام عليه الجلد حدا بخلاف الرجم على ما مر ولا يسقط الحد بالإسلام وكذا العبد. (قوله: فظهر أن المذهب إطلاق المسألة إلخ) أي ظهر مما ذكره عن الظهيرية بقوله لم يحد أن المذهب إطلاق المسألة عما قيدها به في الفتح؛ لأن كلام الظهيرية مطلق مثل كلام الزيلعي ولا يمكن أن يدعي تقييده؛ لأن استدلاله بالمروي عن أبي بكرة ينافيه؛ لأن قوله أشهد أن المغيرة لزان غير مقيد بالزنا الأول ولكنه بعيد بل الظاهر من قوله أشهد أن المراد الزنا الأول الذي عاينه منه (قوله: والفقء) أي لو فقأ عين رجل كما في النهر قال الرملي والذي يظهر أن المراد به ذهاب البصر تأمل. (قوله فالظاهر أن ما في ضياء الحلوم إلخ) قال في النهر وفي القاموس إنه من أسماء الأضداد يطلق على التفخيم والتعظيم وعلى التأديب وعلى أشد الضرب وعلى ضربه دون الحد ا هـ. قال ابن حجر المكي الظاهر أن هذا الأخير غلط لأن هذا وضع شرعي لا لغوي إذ لم يعلم إلا من جهة الشرع فكيف نسب إلى أهل اللغة الجاهلين بذلك من أصله والذي في الصحاح بعد تفسيره بالضرب ومنه سمي ضرب ما دون الحد تعزيرا فأشار إلى أن هذه الحقيقة الشرعية منقولة عن الحقيقة اللغوية بزيادة قيد هو كون ذلك الضرب دون الحد الشرعي فهو كلفظ الصلاة والزكاة ونحوهما المنقولة لوجود المعنى اللغوي فيها وزيادة وهذه دقيقة مهمة تفطن لها صاحب الصحاح وغفل عنها صاحب القاموس وقد وقع له نظير ذلك كثيرا وهو غلط يتعين التفطن له ا هـ. (قوله: فيصان عنه أهل الغفلة) كذا في بعض النسخ وفي بعضها القبلة وهو المناسب لأن الصفع شرع لأهل الذمة عند أداء الجزية تأمل (قوله: وصرح السرخسي بأنه ليس في التعزير شيء مقدر إلخ) أي في أنواعه فإنه يكون بالضرب وغيره أما إن اقتضى رأيه الضرب فلا يزيد على تسعة وثلاثين كما يأتي عن الفتح عند قوله: وأكثر التعزير إلخ (قوله: وأحوال الناس فيه مختلفة) فمنهم من ينزجر بالنصيحة ومنهم باللطمة ومنهم من يحتاج إلى الضرب ومنهم من يحتاج إلى الحبس كذا في الفتح (قوله: وظاهره أنه ليس مفوضا إلخ) قال في النهر وينبغي أن لا يكون ما في الشافي على إطلاقه فإن من كان من أشرف الأشراف لو ضرب غيره فأدماه لا يكتفى بتعزيره بقول القاضي ما مر إذ لا ينزجر بذلك وقد رأيت بعض القضاة من الإخوان من أدبه بالضرب بذلك وأرى أنه صواب ا هـ. أقول: يمكن أن يكون ما في الشافي بيانا لما تضمنه القول الأول قال الزيلعي ثم هو قد يكون بالحبس وقد يكون بالصفع وبتعريك الأذن وقد يكون بالكلام العنيف أو بالضرب وقد يكون بنظر القاضي إليه بوجه عبوس وليس فيه شيء مقدر وإنما هو مفوض إلى رأي الإمام على ما يقتضي جنايتهم فإن العقوبة فيه تختلف باختلاف الجناية فينبغي أن يبلغ غاية التعزير في الكبيرة كما إذا أصاب من الأجنبية كل محرم سوى الجماع أو جمع السارق المتاع في الدار ولم يخرجه وكذا ينظر في أحوالهم فإن من الناس من ينزجر باليسير ومنهم من لا ينزجر إلا بالكثير وذكر في النهاية التعزير على مراتب إلخ فقوله وذكر في النهاية إلخ يصلح بيانا لقوله وكذا ينظر في أحوالهم فصار حاصل القول بالتفويض إلى رأي الإمام أن ينظر إلى الجناية وإلى حال الجاني، فإذا كانت الجناية صغيرة والجاني ذا مروءة ممن ينزجر بمجرد الإعلام لا يزاد عليه بخلاف ما إذا كانت جنايته كبيرة كاللواطة أو شرب الخمر، فإن هذا لا يصدر من ذي مروءة، وإن كان هو من الأشراف فلا ينبغي أن يقال: إنه يكفي فيه مجرد الإعلام وما في الشافي والنهاية لا ينافي ذلك؛ لأن نحو العلماء والعلوية يراد بهم من جنايته صغيرة صدرت منه على وجه الزلة والندور ولذا قال في الخانية وغيرها: لو كان ذا مروءة أول ما فعل يوعظ استحسانا ولا يعزر وقال الناطفي إذا تكرر منه يضرب التعزير، فإن هذا ظاهر في أن تكرار ذلك منه يخرجه عن كونه ذا مروءة فكذا ما كان معصية شنيعة لا تصدر عادة من ذي مروءة والمراد كما في الفتح بالمروءة الدين والصلاح وما مر عن النهر يؤيد ما قلناه. (قوله: فقد أفاد الفرق إلخ) قال في النهر لا نسلم أن ما عن الهندواني نص في الأجنبية لم لا يجوز أن يكون المعنى بامرأة له وخصها لتعم الأجنبية بالأولى ويدل على ذلك ما في حدود البزازية من وجد مع امرأته رجلا إن كان ينزجر بالصياح وبما دون السلاح لا يحل قتله، وإن كان لا ينزجر إلا بالقتل حل قتله، وإن طاوعته حل قتلها أيضا وهذا نص على أن التعزير والقتل يليه غير المحتسب ا هـ. وبهذا يندفع التدافع بين كلامي الهندواني ويجوز أن يقال نكر المرأة دلالة على أنه لا فرق بين الزوجة والأجنبية، وقد أفصح عن ذلك في الخانية حيث قال رأى رجلا يزني بامرأته أو بامرأة رجل آخر وهو محصن فصاح به ولم يهرب ولم يمتنع عن الزنا حل لهذا الرجل قتله، وإن قتله فلا قصاص عليه وذكر مثله في السرقة حيث قال رأى رجلا يسرق ماله فصاح به أو ينقب حائطه أو حائط غيره وهو معروف بالسرقة فصاح به ولم يهرب حل قتله ولا قصاص عليه. ا هـ. وغاية الأمر أن ما في منية المفتي وعليه جرى الخبازي في مختصر المحيط مطلقا لكن يجب حمله على التقييد توفيقا بين كلامهم ومن هنا جزم ابن وهبان في نظمه بالشرط المذكور مطلقا وهو الحق واعلم أنه في الخانية شرط في جواز قتل الزاني أن يكون محصنا وفي السارق أن يكون معروفا بالسرقة وبالأول جزم الطرسوسي ورده ابن وهبان بأنه ليس من الحد بل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو حسن، فإن هذا المنكر حيث تعين القتل طريقا في إزالته فلا معنى لاشتراط الإحصان فيه ولذا أطلقه البزازي (قوله: وذكر قبله إلخ) قال في النهر هذا محمول في حق العبد على أنهما حكماه ففي فتح القدير الذي يجب حقا للعبد لتوقفه على الدعوى لا يقيمه إلا الحاكم إلا أن يحكما فيه (قوله: وفي القنية ضرب غيره بغير حق إلخ) قال الرملي قدم أنهما إذا تشاتما تكافأ إذا لم يكن بين يدي القاضي فراجعه في شرح قوله ولو قال يا زاني وعكس حدا فاعلمه. ا هـ. قلت محمل ما مر على ما إذا قال له يا خبيث مثلا فرد عليه به فيحصل التكافؤ كما أشار إليه المؤلف هناك أما الضرب فلا تكافؤ فيه لتفاوته وهو ظاهر. (قوله: ويخلد في الحبس إلى أن يظهر التوبة) أي إمارتها إذ لا وقوف لنا على حقيقتها ولا ينبغي القول بحبسه ستة أشهر؛ لأن التقدير بالمدة لا يحصل به الغرض إذ قد تحصل فيها التوبة، وقد لا تحصل ولا تظهر أمارات الحصول فكان التقدير بما قلنا أولى وأيضا التقدير بالمدة سماعي لا دخل للرأي فيه كذا نقله ابن الشحنة عن الطرسوسي وأقره ودفع ما أورده عليه تلميذه ابن وهبان (قوله: كذا في ضياء الحلوم) وقع قبله في نسخة أي فاء وفي أخرى أي رماه وفي أخرى بدون ذلك (قوله: فلا شك في قبولها إلخ) قلت قد ذكروا في الشهادات من الجرح المجرد الذي لا يقبل لو شهدوا على شهود المدعي بأنهم فسقة أو زناة أو أكلة ربا أو شربة الخمر أو على إقرارهم أنهم شهدوا بزور أو أنهم أجراء في هذه الشهادة إلخ ما ذكر هناك ولا يخفى أن إقرارهم بشهادة الزور موجب للتعزير (قوله: هذا إذا لم يخرج مخرج الدعوى) قال الرملي الإشارة إن رجعت إلى المذكور في المتن جميعه، وهو الظاهر فهو مشكل لما ذكره من الفرق بين دعوى السرقة والزنا فتأمل هذا الكلام وكن فيه على بصيرة وتبعه فيه صاحب النهر وشرح تنوير الأبصار والله تعالى الموفق. (قوله: قال في القنية ولو ادعى رجل إلخ) قال الرملي كلام القنية خاص بذكر السرقة والزنا وليس فيه تعرض لغيره وأنت على علم بأن الفرق المذكور يلحق ما عدا السرقة بالزنا إذ لا يمكنه إثباته إلا بالنسبة إليه كالزنا وأقول: ما ذكر من الفرق يقتضي عكس الحكم المذكور إذ المال حيث أمكن إثباته بدون نسبته للسرقة يصير بدعواها ظاهرا قاصدا نسبته إليها وإلا لعدل عنها إلى دعوى المال بخلاف ما لا يمكن إثباته إلا بالنسبة إلى ما هو طريقه؛ لأنه لا مندوحة له عنه فلم يكن قاصدا نسبته إليه ظاهرا تأمل. ا هـ. وقد خطر لي هذا قبل أن أراه ويظهر الفرق من وجه آخر وهو ورود النص في الزنا أنه إذا لم يأت بأربعة شهداء يجلد (قوله: ومقتضاه أن يعزر) قال في النهر فيه نظر وسيأتي ما يرشد إليه. ا هـ. قال في الدر المختار ولعل وجهه ما مر في يا فاسق فتأمل. ا هـ. أي من أنه ألحق بنفسه قبل قول القائل قال بعض الفضلاء وأشار بقوله فتأمل إلى ضعف هذا الوجه، فإنه وإن كان ألحق الشين بنفسه لكنا التزمنا بعقد الذمة معه أن لا نؤذيه. ا هـ. قلت ويؤيد كلام المؤلف قول الفتح المار آنفا لو شتم ذميا يعزر؛ لأنه ارتكب معصية (قوله: لو قال لامرأته يا قحبة إلخ) قال شارح الوقاية قيل القحبة تكون همته الزنا فلا يحد أقول: القحبة أفحش من الزانية؛ لأن الزانية قد تفعل سرا أو تأنف منه والقحبة تجاهر به بالأجرة. ا هـ. قال بعض أصحاب الحواشي قوله القحبة من تجاهر به بالأجرة يعني فينبغي أن يجب الحد لمن قذف بها يؤيده قول الظهيرية القحبة الزانية والإنصاف أن يجب الحد في ديارنا إذ لا يستعمله أحد إلا في الزانية سيما حالة الغضب فكأنه صار حقيقة عرفية وقول الشارح القحبة في العرف أفحش من الزاني لا يخلو من الإشارة إلى هذا المعنى ا هـ. قلت: وقد أجاب عن ذلك منلا خسرو في شرحه حيث قال اللهم لا أن يقال: إن الحد إنما يجب إذا قذف بصريح الزنا أو بما في حكمه بأن يدل عليه اللفظ اقتضاء كما إذا قال: لست لأبيك أو لست يا ابن فلان أبيه في الغضب كما مر ولفظ القحبة لم يوضع لمعنى الزانية بل استعمل فيه بعد وضعه لمعنى آخر كما مر ولا يدل عليه اقتضاء أيضا وهو ظاهر ويؤيده ما قال الزيلعي لا يقال كيف يجب الحد بقوله لغيره لست لأبيك وهو ليس بصريح في الزنا لاحتمال أن يكون من غيره بالوطء بشهبة؛ لأنا نقول فيه نسبة له إلى الزنا اقتضاء والمقتضى إذا ثبت يثبت بجميع لوازمه فيجب الحد إذ الثابت اقتضاء كالثابت بالعبارة هذا غاية ما يمكن في هذا المقام لكنه بعد موضع تأمل. ا هـ. كذا في منح الغفار وكان وجه التأمل أنه لما صار حقيقة عرفية صار مدلوله الزنا حقيقة بالوضع الحادث ودلالة الوضع أبلغ من الاقتضاء ولو توقف على الوضع اللغوي لزم أن لا يوجد لفظ صريح بغير الألفاظ اللغوية كالفارسية ونحوها وقدم أنه يعزر في معرض العرف وقال في الشرنبلالية نقل التصريح بوجوب الحد بقوله يا ابن القحبة في منح الغفار ومن المضمرات. ا هـ. وهذا يدل على ذلك إذ لا فرق يظهر بين القحبة وابن القحبة تأمل (قوله: وفي القنية تشاتما يجب الاستحلال عليهما) انظر هذا مع ما مر عند قوله ولو قال يا زان وعكس حدا حيث قال لو قال له: يا خبيث فقال له الآخر بل أنت تكافآ ولا يعزر كل منهما الآخر إلا أن يحمل ما هنا على ما إذا تخالفت ألفاظهما بأن أجابه بيا فاسق مثلا تأمل (قوله: قال في فتح القدير ولا يخفى إلخ) اعتراض على عبارة الخانية حيث حصرت التعزير بحق العبد ويمكن الجواب عنها بأن حق العبد منصوب على الحالية أو مرفوع على البدلية من التعزير وقوله كسائر حقوقه خبر المبتدأ وهو التعزير قلت وما ذكره في الفتح من أنه ينقسم إلى ما هو حق الله تعالى وحق العبد يدخل فيه قسم ثالث وهو ما اجتمع فيه الحقان بل الظاهر أن كل ما هو حق العبد يكون فيه حق الله تعالى؛ لأن جنايته على العبد بالشتم أو الضرب معصية ولذا قال في الدرر وهو أي التعزير له حق العبد غالب فيه نعم قد يكون غير معصية كتعزير الصبي (قوله: فإن قلت في فتاوى قاضي خان إلخ) وارد على قوله وأما ما كان منه حقا لله تعالى يجب على الإمام إقامته كما أوضحه بقوله وهذا يجب أن يكون إلخ وحاصل الجواب أن حمل كلام الخانية على أن المراد به ما كان من حقوق الله تعالى ممكن كما ذكره السائل ولا يناقض ما مر؛ لأن جره إلى باب القاضي والدعوى وتعزيره له لكونه ذا مروءة وكذا يمكن حمله على أن المراد به ما كان حق آدمي لما قلنا (قوله ولا مناقضة إلخ) أقول: يمكن دفع المناقضة من أوجه أخر وهو أن من كان ذا مروءة أي ذا ديانة وصلاح كما يأتي لا يصدر منه موجب التعزير غالبا إلا على وجه السهو أو الغفلة نادرا ولذا لو عاد يعزر وإذا كان المقصود من التعزير الانزجار فهو حاصل من ذي المروءة فلذا قالوا: إنه لا يعزر في أول مرة بل يوعظ فلعله لا يعلم ذلك، وقد مر استثناء ما إذا علم الإمام انزجار الفاعل (قوله: لا يحلفه بالله ما قلت إلخ) أي لاحتمال صدقه فيما نسبه إليه ولا يمكنه إثباته (قوله: فهذا كله يدل على أن العفو للإمام جائز) قد يقال عليه: إن المقصد من شرعية التعزير هو الانزجار فعفو الإمام عنه تضييع للمقصود فلا يجوز فالمراد أن له العفو إذا رأى حصول الانزجار بدونه فلذا قال في الفتح إلا إذا علم أنه انزجر الفاعل قبل ذلك ويدل عليه أيضا من أنه إذا كان الشاتم ذا مروءة وعظ، وقد علمت أن ذلك لحصول الانزجار من ذي المروءة فهذا في الشتم الذي هو حق عبد واكتفى فيه بالوعظ فكيف في حق الله تعالى وذكر في الفتح أول الباب أن ما نص عليه من التعزير كما في وطء جارية امرأته أو جارية مشتركة يجب امتثال الأمر فيه وما لم ينص عليه إذا رأى الإمام المصلحة بعد مجانبة هوى نفسه أو علم أنه لا ينزجر إلا به وجب؛ لأنه زاجر مشروع لحق الله تعالى فوجب كالحد وما علم أنه انزجر بدونه لا يجب. (قوله: ثلاث مذاهب) الأول ظاهر الرواية والثاني مختار الهندواني والثالث ما يأتي عن صاحب الهداية من التفصيل. (قوله: كأنه لعدم ظهور الكذب إلخ) قال في النهر ما ذكره من الفرق مدفوع بأن الحكم بتعزيره غير مقيد بموت أبيه ا هـ. قلت والظاهر في وجه الفرق أن قوله يا ابن الحجام فيه نسبة إلى غير أبيه فكان القياس لزوم الحد فيه لكنه في العرف يراد به الخسة والدناءة، فإذا سقط الحد يبقى التعزير كما لو قال لعربي يا نبطي أو لهاشمي لست بهاشمي تأمل ثم إن الذي رأيته في التبيين هكذا ومن الألفاظ التي لا توجب التعزير قوله يا رستاقي ويا ابن الأسود ويا ابن الحجام وهو ليس كذلك. ا هـ. فقوله وهو ليس كذلك جملة حالية أي والحال أنه ليس برستاقي ولا ابن الأسود ولا ابن الحجام وكان المؤلف ظن أن قوله وهو ليس كذلك رد لقوله ومن الألفاظ التي لا توجب التعزير (قوله: يا معفوج إلخ) اسم مفعول من عفج بالعين المهملة والفاء والجيم قال في التتارخانية وهو المضروب في الدبر وهو بمعنى ما فسره به المؤلف وفي القاموس عفج يعفج ضرب وجاريته جامعها (قوله: وقد صرح في الظهيرية بوجوب التعزير فيه) أي في قوله يا معفوج وقوله بل هو أقوى إيذاء أي لفظ بغا بمعنى المأبون قلت: وقد رأيت في التتارخانية صرح بأنه يعزر به حيث قال وفي تجنيس الناصري قال السيد الإمام الأجل لو قال يا بغا يا مؤاجر يا جيفة في عرفنا فيه التعزير (قوله: وأما قوله: يا ناكس إلخ) قال الباقاني في شرح المنتقى ناكس ومنكوس على وزن فاعل ومفعول لفظ عجمي النون في أوله للنفي والكاف منه مفتوح ولفظ نكس بمعنى الآدمي فمعنى القذف به سلب الآدمية عن المقذوف. ا هـ. (قوله: وأما الكشحان إلخ) قال الرملي أورده صاحب القاموس في باب الخاء فقال الكشخان ويكسر الديوث وكشخه تكشيخا وكشخنه قال له يا كشخان. ا هـ. وبه يظهر لك ما في تقرير هذا الشارح فتنبه. (قوله: فعلم أن الأصح قول أبي يوسف) يمكن أن يقال: إن قوله وبه نأخذ ترجيح لرواية خمسة وسبعين على رواية تسعة وسبعين المرويتين عن أبي يوسف؛ لأن الأولى منهما هي ظاهر الرواية عنه ولا يلزم من ذلك أن يكون هذا ترجيحا لقوله على قول الإمام الذي عليه متون المذهب (قوله: وقد وقع لي تردد إلخ) قال في النهر لا معنى لهذا التردد مع قول المصنف بعد وصح حبسه بعد الضرب ثم قال في شرح قوله وصح حبسه بعد الضرب؛ لأنه عجز عن الزيادة من حيث القدر لما روينا، وقد لا يحصل الغرض بذلك القدر من الضرب فجاز له أن يضم الحبس إليه كذا في الشرح وهو صريح في دفع التردد السابق. (قوله: أو قالت له يا حمار يا أبله) قال في النهر ينبغي في ظاهر الرواية عدم التعزير فيهما، وعلى القول الثاني إن كان المقول له من الأشراف أن يعزر القائل وإلا لا ينبغي أن يفعل في الزوج إلا أن يفرق بين الزوجة وغيرها والموضع يحتاج إلى تدبر وتأمل (قوله: إن التعزير مشروع في حق الصبيان) قال المؤلف في باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل ولم أر حكم الصبي إذا وجب التعزير عليه للتأديب فبلغ ونقل الفخر الرازي عن الشافعية سقوطه لزجره بالبلوغ ومقتضى ما في اليتيمة من كتاب السير أن الذمي إذا وجب التعزير عليه فأسلم لم يسقط عنه. ا هـ. قال الرملي هنا رحمه الله تعالى لا وجه لسقوطه خصوصا إذا لم يكن حق الله تعالى بل كان حق آدمي فتأمل (قوله: قيد بالزوجة لا بالأب والمعلم) كذا في بعض النسخ وفي بعضها؛ لأن الأب والمعلم لا يضمن لكن في التنوير وشرحه عن الشمني لو ضرب المعلم الصبي ضربا فاحشا، فإنه يعزر ويضمنه لو مات.
|